
في مشهد يعكس أزمة حوكمة حقيقية، ما زال اتحاد الكرة السعودي ولجنة المسابقات يصمتان إزاء قرار نادي الهلال الانسحاب من بطولة السوبر، في موقف يثير تساؤلات كبيرة حول مدى احترام النظام وحيادية القرارات في الكرة السعودية.
اللافت في الأزمة الحالية ليس حق النادي في اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً - وهو حق لا يُناقش - بل غياب أي رد فعل رسمي من الجهات المنظمة للمسابقة. فبعد مرور ثلاثة أيام كاملة على الإعلان، لم تصدر أي توضيحات أو قرارات تنظيمية من اتحاد الكرة أو رابطة الدوري، في سابقة تضع علامات استفهام حول معايير التعامل مع مثل هذه الحالات.
المحزن في المشهد أن البطولة التي يُفترض أنها تمثل واحدة من أبرز الأحداث الكروية السعودية، والتي يتم الترويج لها دولياً بنقلها بين عواصم مختلفة، تتحول إلى أزمة إدارية تكشف هشاشة المنظومة التنظيمية. فبينما كان من المفترض أن تحافظ الجهات المنظمة على هيبة المسابقة ومواعيدها المعلنة، نجدها تتخلى عن هذه المسؤولية عندما يكون الطرف الآخر هو نادي الهلال.
التساؤل الأبرز الذي يفرض نفسه: هل كان الموقف سيكون نفسه لو تعلق الأمر بنادي آخر؟ التاريخ يشير إلى أن الإجراءات كانت ستتخذ بسرعة في حالات مشابهة سابقة، مما يعزز الانطباع بوجود معايير متباينة في التعامل مع الأندية.
الأمر لا يتعلق فقط بالهلال ككيان رياضي، بل بمسألة أكبر تتعلق بمصداقية المنظومة الكروية السعودية بكاملها. فالصمت الإداري الحالي لا يؤثر فقط على سمعة البطولة، بل يلقي بظلاله على شرعية القرارات المستقبلية ومدى احترام النظام من قبل جميع الأندية.
الأسوأ في هذه المعادلة أن الاتحاد السعودي قد وضع الشركة المنظمة للحدث في موقف محرج جداً أمام الشركاء الدوليين، خاصة بعد كل التحضيرات التي تمت في هونج كونج. وهو ما يطرح أسئلة حقيقية عن مدى جاهزية المنظومة الكروية السعودية لإدارة مشروعها الطموح بمعايير مهنية تحفظ هيبة الكرة السعودية أمام العالم.
في النهاية، القضية ليست مجرد انسحاب نادي من بطولة، بل اختبار حقيقي لمبدأ العدالة المؤسسية وقدرة الجهات المنظمة على تطبيق النظام دون محاباة. والدرس الأهم أن هيبة الكرة السعودية لا تُبنى بالمشاريع الكبيرة فقط، بل بالحوكمة الرشيدة والمواقف الحازمة التي تُطبق على الجميع دون استثناء.