
مع إعلان رابطة الدوري السعودي للمحترفين عن استعدادها لاستقبال أول مستثمر أجنبي في تاريخ الكرة المحلية، تكتمل ملامح التحول الاستراتيجي الذي بدأه إنجاز الهلال التاريخي في كأس العالم للأندية. هذا الإنجاز لم يكن مجرد صدفة، بل تتويجاً لرحلة بدأت قبل عامين مع استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على أربعة أندية رئيسية، وها هي اليوم تصل إلى محطة جديدة تفتح أبواب الملكية الأجنبية لأول مرة.
تشير مصادر مقربة من "ذا أثلتيك" إلى أن ستة أندية سعودية - بينها ثلاثة من دوري المحترفين - قد تم طرحها للخصخصة، في خطوة تهدف لخلق بيئة استثمارية تنافسية مستدامة. ويأتي هذا التطور متزامناً مع تحول جذري في السياسات المالية للأندية، حيث أصبحت الرابطة المشرفة على الشؤون المالية بدلاً من وزارة الرياضة، مع تركيز واضح على "العوائد الاستثمارية" و"الاستدامة" وفق رؤية الصندوق السيادي.
في الجانب الرياضي، لم يعد الأداء المتميز للهلال ضد مانشستر سيتي مجرد مفاجأة، بل تحول إلى دليل عملي على نجاح النموذج السعودي الذي يجمع بين الاستثمار في النجوم العالمية وبناء البنية التحتية. هذا النجاح دفع كبرى الشركات الاستثمارية العالمية لإعادة تقييم سوق الكرة السعودية، خاصة بعد استضافة البلاد لبطولتي السوبر الإسباني والإيطالي، وما تلاها من ارتفاع في القيمة التسويقية للدوري.
يبرز نموذج نادي نيوم كأحدث تجسيد لهذه الرؤية، حيث يُدار النادي الصاعد حديثاً للممتاز كجزء من مشروع المدينة المستقبلية في تبوك، مستقطباً نجوماً مثل ألكسندر لاكازيت ضمن خطة تدمج الرياضة بالتنمية الإقليمية. هذا النهج يتكرر في أندية العلا والدرعية، مما يؤكد تحول الرياضة السعودية من مجرد وجهة للنجوم إلى نظام متكامل يربط بين الاستثمار الرياضي والتنمية الاقتصادية.
بحسب تحليل البروفيسور سايمون تشادويك من جامعة إيمليون: "الهدف السعودي يتجاوز مجرد الإنفاق، إلى خلق أصول رياضية تدعم الاقتصاد الوطني كما يفعل الدوري الإنجليزي". هذا الطموح يبدو أكثر وضوحاً مع تزايد الحديث عن صفقات استحواذ أجنبية قد تعلن قريباً، في خطوة ستجعل من الدوري السعودي ليس مجرد دوري نجوم، بل سوقاً جاذبة للاستثمارات العالمية، وساحة جديدة للتنافس الاقتصادي والرياضي على الساحة الدولية.