
شهدت معدات حماية الساق في كرة القدم تحولاً جذرياً خلال السنوات الأخيرة، حيث اختفت تدريجياً تلك الواقيات الضخمة التي كانت تبرز من جوارب اللاعبين، لتحل محلها تصاميم أصغر حجماً وأكثر بساطة. هذا التغيير لم يعد مجرد مسألة موضة، بل يعكس تطوراً في فلسفة الحماية وطبيعة اللعبة نفسها.
في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025، سيظهر هذا الاتجاه بوضوح عبر نجوم مثل خفيتشا كفاراتسخيليا وفيديريكو دي ماركو، الذين يمثلون الجيل الجديد من اللاعبين الذين يفضلون واقيات ساق مدمجة لا تكاد تُرى. هذا المنهج يختلف تماماً عن ما كان معتاداً في عهود سابقة، حيث كان عمالقة اللعبة مثل فرانشيسكو توتي وروي كوستا يرتدون واقيات ضخمة تصل إلى منتصف الساق.
الدكتور ميشيل كيرغاستيل، الطبيب المخضرم في نادي بريست الفرنسي، يوضح أن "التدخلات الخطيرة أصبحت نادرة بسبب تطور قوانين التحكيم وتقنية VAR، مما قلل من الحاجة إلى الحماية المفرطة". ويضيف: "اللاعبون اليوم يبحثون عن الراحة أولاً، فهم يتدربون معظم الوقت بدون واقيات، وعندما يرتدونها يفضلون ما لا يعيق حركتهم".
التغيير التنظيمي الذي أقرّه مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) في 2024 لعب دوراً محورياً، حيث نقل مسؤولية اختيار الواقيات من الحكام إلى اللاعبين أنفسهم. هذه الخطوة منحت النجوم حرية أكبر في اختيار ما يناسبهم، مما فتح الباب لانتشار التصاميم المدمجة.
لكن هذه الظاهرة ليست بدون استثناءات، حيث يصرّ الفرنسي مايكل أوليس على اللعب بدون واقيات ساق تماماً، مستفيداً من المرونة في القوانين. بينما في الجانب الآخر، تشهد ملاعب الهواة رد فعل معاكساً، حيث بدأت بعض الأندية تحظر الواقيات الصغيرة بعد حوادث إصابات خطيرة.
العلامات التجارية الكبرى لم تتأخر في ملاحقة هذا الاتجاه، حيث أطلقت تصاميم جديدة خفيفة الوزن تلبّي رغبات اللاعبين المحترفين. لكن الخبراء يحذرون من أن ما يناسب نجوم النخبة قد لا يكون آمناً للهواة، الذين لا يتمتعون بنفس الحماية التحكيمية والتجهيزات الطبية.
هذا التحول في ثقافة معدات كرة القدم يقدم نافذة مثيرة لفهم التغيرات الأوسع في اللعبة، حيث تتصارع قيم الأمان والأداء الجسدي مع الراحة والحرية الفردية للاعبين، في مشهد يعكس ديناميكية كرة القدم الحديثة وتطورها المستمر.